السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنَّ الدنْيا بذهبِها وفضَّتِها ومناصبِها ودُورِها وقصورِها لا تستأهلُ قطرة دمعٍ ، فعند الترمذيِّ أنَّ الرسول صلى الله علية وسلم قال : (( الدنيا ملعونةٌ ، ملعونٌ ما فيها إلا ذكْر اللهِ ، وما والاه ، وعالماً ومتعلَّماً )) . .
وقال الحسنُ البصريُّ : لا تجعلْ لنفسِك ثمناً غير الجنةِ ، فإنَّ نفْس المؤمنِ غاليةٌ ، وبعضُهم يبيعها برُخْصٍ ..
إنَّ الذين ينوحون على ذهابِ أموالِهمْ وتهدُّمِ بيوتِهم واحتراقِ سياراتِهم ، ولا يأسفون ويحزنون على نقْصِ إيمانِهم وعلى أخطائِهم وذنوبِهم ، وتقصيرِهم في طاعةِ ربِّهمْ سوف يعلمون أنهمْ كانوا تافهين بقدْرِ ما ناحُوا على تلك ، ولم يأسفوا على هذهِ ؛ لأنَّ المسألة مسألةُ قيمٍ ومُثُلٍ ومواقف ورسالةٍ: ﴿إِنَّ هَؤُلَاء يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً﴾..
كُنْ منْ أولياءِ اللهِ وأحبائهِ لِتسْعدَ ، إنَّ منْ أسعْدِ السعداءِ ذاك الذي جعل هدفه الأسمى وغايتُه المنشودة حُبَّ اللهِ عزَّ وجلَّ ، وما ألْطف قولهُ سُبحانة: ﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾..
قال بعضُهم : ليس العَجَبُ منْ قولهِ : يحبُّونه ، ولكنَّ العجب منْ قولِهِ سُبحانة يحبُّهم ؛ فهو الذي خلقهم ورزقهم وتولاَّهُم وأعطاهُمْ ، ثم يحبُّهم : ﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ ﴾..
والآن مع أعداد الجنان وأسمائُها:
للجنة عدة أسماء باعتبار صفاتها ، ومسماها واحد باعتبار الذات ، فهي مترادفه من هذا الوجه، وتختلف باعتبار الصفات فهي متباينة من هذا الوجه، وهكذا أسماء الرب سبحانه وتعالى وأسماء كتبه وأسماء رسوله وأسماء النار ، وأسماء اليوم الآخر..
الجنة
وهو الاسم العام المتناول لتلك الدار ، وما اشتملت عليه من أنواع النعيم واللذة والبهجة ، والسرور وقرة الأعين. وأصل اشتقاق هذه اللفظة من الستر والتغطية ، ومنه الجنين لاستتاره في البطن ، والجان لاستتاره عن العيون ، والمجن لستره ووقايته الوجه ، والمجنون لاستتار عقله وتواريه عنه . ومنه سمي البستان جنة لأنه يستر داخله بالأشجار ويغطيه. ومنه قوله تعالى ( اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله) أي يستترون بها من إنكار المؤمنين عليهم..
دار السلام
وقد سماها بهذا الاسم في قوله ( لهم دار السلام عند ربهم ) ، وقوله ( والله يدعو إلى دار السلام ) وهي أحق بهذا الاسم ، فإنها دار السلامة من كل بلية وآفة ومكروه، وهي دار الله ، واسمه سبحانه السلام الذي سلمها وسلم أهلها ( وتحيتهم فيها سلام )..
دار الخلد
وسميت بذلك لأن أهلها لا يظعنون عنها أبدا كما قال تعالى ( إن هذا لرزقنا ماله من نفاد ) وقوله ( وما هم منها بمخرجين) وقوله تعالى ( خالدين فيها أبدا )..
دار المقامة
قال تعالى حكاية عن أهلها قال مقاتل : أنزلنا دار الخلود، أقاموا فيها أبدا، لا يموتون ولا يتحولون منها أبدا..
جنة المأوى
قال تعالى ( عندها جنة المأوى) ، والمأوى : مفعل من أوى يأوي ، إذا انضم إلى المكان وصار إليه واستقر به
وقال عطاء عن ابن عباس : هي الجنة التي يأوي إليها جبريل والملائكة
وقال مقاتل والكلبي: هي جنة تأي إليها أرواح الشهداء
وقال كعب : جنة المأوى : جنة فيها طير خضر ترتعي فيها أرواح الشهداء
ويقول ابن القيم : والصحيح أنه اسم من أسماء الجنة كما قال تعالى ( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ، فإن الجنة هي المأوى )..
جنات عدن
فقيل هو اسم جنة من جملة الجنان وقال تعالى ومساكن طيبة في جنات عدن )، والاشتقاق يدل على أن جميعها جنات عدن فإنه من الإقامة والدوام ، يقال : عدن بالمكان إذا أقام به ، وعدنت البلد إذا توطنته..
دار الحيوان
قال تعالى ( وإن الدار الآخرة لهي الحيوان ) والمراد الجنة عند أهل التفسير ، قالوا وإن الآخرة يعني الجنة لهي الحيوان: لهي دار الحياة التي لاموت فيها..
الفردوس
قال تعالى : ( أولئك هم الوارثون ، الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون)وأصل الفردوس: البستان ، قال كعب هو البستان الذي فيه الأعناب ، وقال الضحاك هي الجنة الملتفة بالأشجار ، وهو اسم يطلق على جميع الجنة وأفضلها وأعلاها..
جنات النعيم
قال تعالى ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم )، وهو اسم يطلق ايضا على جميع الجنات ، لما تضمنته من الأنواع التي يتنعم بها من المأكول والمشروب والملبوس والصور والرائحة الطيبة والمنظر البهيج والمساكن الواسعة..
المقام الأمين
قال تعلى ( إن المتقين في مقام أمين )، والأمين : الآمن من كل سوء وآفة ومكروه ، وهو الذي جمع صفات الأمن كلها ، فهو آمن من الزوال والخراب ، وأنواع النقص ، وأهله آمنون فيه من الخروج والنقص والنكد ، وقوله تعالى ( يدعون فيها بكل فاكهة آمنين ) ، فجمع لهم بذلك بين أمن المكان وأمن الطعام فلا يخافون انقطاع الفاكهة ولا سوء عاقبتها ومضرتها ، وأمن الخروج منها فلا يخافون ذلك ، وأمن الموت فلا يخافون فيها موتا..
مقعد صدق ، وقدم صدق
قال تعالى ( إن المتقين في جنات ونهر ، في مقعد صدق )، فسمى الجنة مقعد صدق لحصول كل ما يراد من المقعد الحسن فيه..
أنا وأنت ، هيَّا نقصد الغنيَّ الواحد الماجد ، الأحد الصمدَ الحيَّ القيومَ ، ذا الجلالِ والإكرامِ ، لننَّطِرح على عتبةِ ربوبيتِه ، ونلتجئ إلى بابِ وحدانيتِه ، نسأله ونُلحُّ في السؤالِ ، ونطلبُه وننتظرُ النَّوالَ ، فهو المعافي الشافي الكافي وهو الخالق الرزاقُ المحيي المميتُ..
ونسأله سبحانة أن يجعلنا وإياكم من أهل جنة الفردوس فهي أعلى الجنان وسقفها عرش الرحمن سبحانة..اللهم آمين..اللهم آمين ..اللهم آمين ..
كما نسأله سبحانة أن نلتقي على منابر من نور ..اللهم آمين..اللهم آمين ..اللهم آمين